مُلخصٌ فى ثوانٍ: الصفات المُميزة للخفافيش، دور الخفافيش كمستودعات حيوية للفيروسات دون أن تسبب لها أى مرض. الكشف عن بروتين مضاد للفيروسات في جينات الخفافيش. الصراع بين الخفافيش والفيروسات عرضٌ مستمر لأكثر من 60 مليون سنة.
الخفافيش هى ثاني أكثر الثدييات من حيث التنوع والإتشار الجغرافى. وهى مخلوقات فريدة من نوعها، فبالإضافة لقدرتها على الطيران، تلعب العديد من أنواع الخفافيش دور المستودعات الحيوية للفيروسات دون أن تظهر عليها أعراض أى مرض1. علاوةً على ذلك، هناك أكثر من 1200 نوع من الخفافيش التى تعرضت للأمراض الفيروسية لأكثر من 60 مليون سنة، تطورت خلالها جنبًا إلى جنب مع عدد كبير من الكائنات الفيروسية. ونتيج عن ذلك تطور فى قدرة الخفافيش على السيطرة العدوى الفيروسية2.
العديد من أنواع الخفافيش مستودعات طبيعية لفيروسات تسبب أمراضً شديدة الضراوة للحيوانات الثديية الأخرى، مثل فيروس ماربورغ3 وفيروس نيباه4 والفيروسات التاجية المسببة للمتلازمة التنفسية الحادة 5 (SARS)، دون أن يظهر عليها أى أعراض لتلك الأمراض. هذا التباين المثير بين الخفافيش والثدييات الأخرى، وبشكل خاص البشر والرئيسيات الأخرى الغير بشرية، أثار إهتمام العلماء لإجراء العديد من البحوث تهدف لتوضيح آليات مقاومة الفيروسات التي تتمتع بها هذه الثدييات الطائرة.
وطبقًا لمقال بحثي نُشر مؤَخرًا 1، قدرة الخفافيش على إستضافة عددٌ لا يُحصى من الفيروسات الخطيرة أو القاتلة للثدييات الأخرى، دون أن تُعرض نفسها للخطر، تنبع من طفرات وراثية فريدة من نوعها فى جينات الخفافيش. تتيح هذه الطفرات الوراثية للخفافيش القدرة على تكرار الجين الذى يحمل معلومات خاصة بالشفرة الوراثية المسؤلة عن تخليق البروتين المضاد للفيروسات والمعروف باسم “بروتين كيناز6” (PKR)، والذى يعتبر جزءاً من نظام دفاع طبيعى مضادٌ للفيروسات.
أدى هذا التنوع الجيني إلى تكرار الجين المسؤول عن إنتاج البروتين المضاد للفيروسات (PKR)، مما منح الخفافيش القدرة على مواجهة فيروسات الحمض النووى ( (DNA والحمض النووى الريبوزى (RNA)، وتعزيز سيطرتهم عليهما2.
بالإضافة إلى ذلك، تقدم هذه الدراسة أدلة على أن تكرار تخليق البروتين المضاد للفيروسات (PKR)، نتج عن تكرار الإختيار الإيجابى المستمر، حيث تكرر هذا التطور فى أجيال الخفافيش المتعاقبة على مر العصور وعبر ملايين السنين. ويتناقض هذا مع ماحدث فى باقى الثدييات الأخرى والتى لديها نسخة واحدة من الجين الحامل للشفرة الوراثية المسؤلة عن تخليق البروتين المضاد للفيروسات (PKR) 2.
يعتقد الباحثون أن التكاثر الجيني للبروتين المضاد للفيروسات (PKR) ينبع من “سباق التسلح” التطوري، والمستمر منذملايين السنين، بين الخفافيش والفيروسات. وقد أدى ذلك لظهور مناعة لدى الخفافيش تجاه مجموعة كبيرة من الفيروسات، على مدار تاريخهما التطوري 7.
إن الجهود المبذولة للوصف الواسع والشامل للتنويع الجينى لدى الخفافيش، مقارنة بالثدييات الأخرى، لا تزال محدودة للغاية. خاصة الإستنتاجات المبنية على الدراسات الوظيفية للمناعة لدى الخفافيش والمستمدة في المقام الأول من دراسة نوع معين من الخفافيش ونظام الفيروسات المتعلق بها. وبالتالي، هناك حاجة لدراسات مقارنة متعمقة للمؤثرات المضادة للفيروسات للخفافيش وذلك لفك الشفرات الجينية المسؤلة عن آليات المناعة المضادة للفيروسات.
1. A. T. Irving, M. Ahn, G. Goh, D. E. Anderson, L.-F. Wang, Lessons from the host defenses of bats, a unique viral reservoir. Nature 589, 363–370 (2021).
2. S. Jacquet, M. Culbertson, C. Zhang, et al., Adaptive duplication and genetic diversification of protein kinase R contribute to the specificity of bat-virus interaction. Science Advances. Vol. 8, issue 7 (2022).
https://www.science.org/doi/10.1126/sciadv.add7540
3. فيروس ماربورج: هو فيروس ينتمى الى عائلة الفيروسات الخيطية، و يسبب حمى نزفية “داء فيروس ماربورج” لدى الإنسان والرئيسات غير البشرية.
4. فيروس نيباه: أحد فيروسات الحمض النووى الريبوزى (RNA) ، ويسبب “عدوى فيروس نيباه”.
5. فيروس المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (SARS): ينتمى لعائلة الفيروسات الإكليلية، لدية القدرة على خلق سلالات جديدة.
6. بروتين كيناز: أحد الإنزيمات المسئولة عن نقل مجموعات الفوسفات من الجزيئات المانحة ذات الطاقة العالية الى جزيئات أخرى بحاجة إليها.
7. Dan Robitzski, Duplicated Gene Helps Bats Survive “Arms Race” With Viruses. The Scientist. Nov. 23, 2022.