26# – “كوفيد طويل الأمد: عندما يختفي الفيروس وتستمر الأعراض” لماذا يحدث؟ وكيف تبدأ في الشعور بأنك عدت لحالتك الطبيعية من جديد” – نوفمبر 21، 2025

ملخّص في ثوانٍ:

يُعدّ كوفيد طويل الأمد حالةً مزمنة قد تعقب الإصابة بفيروس كوفيد-19، وتستمر لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر، مسبِّبةً التعب، والتشوش الذهني، وضيق التنفس، وأعراضًا أخرى تتباين في شدتها أو قد تظهر وتختفي. ويمكن لأي شخص أن يُصاب بهذه الحالة. ويُعتقد أنّ أسبابها تشمل الالتهاب، أو اضطرابات في الجهاز المناعي، أو جلطات دموية صغيرة. ولا يوجد اختبار محدد للكشف عنها أو دواء يقضي عليها، وتركز الرعاية الطبية للمصابين بها على تخفيف الأعراض عبر الأدوية والعلاج التأهيلي وتعديل نمط الحياة. ومع مرور الوقت، يتعافى معظم المصابين تدريجيًا خلال عامٍ تقريبًا، فيما يظلّ التطعيم أفضل وسيلة للوقاية منها.

إذا كنت تعتقد أن تجربة الإصابة بكوفيد ستكون مجرد قصة قصيرة تُعاني خلالها من السعال والتعب، ثم تعود إلى حياتك الطبيعية، فأنت مخطئ. فبعد مرور عدة أشهر، قد تظل تشعر بالتعب والتشوش الذهني، وحتى كوب القهوة الذي كنت تستمتع بشربه كل صباح أصبح بلا طعم. مرحبًا بك في العالم المُحيّر لمتلازمة كوفيد طويل الأمد — وهي حالة يقرّر فيها كوفيد-19 أنه ليس مستعدًا تمامًا لتركك وشأنك.

ما هو بالضبط كوفيد طويل الأمد؟

كوفيد طويل الأمد (المعروف أيضًا باسم كوفيد طويل المدى، أو متلازمة ما بعد كوفيد، أو الآثار المتأخّرة بعد المرحلة الحادة لكوفيد-19) هو مجموعة من الأعراض التي تستمر لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر بعد الإصابة الأولية بالفيروس.

ولا توجد علاقة بين ظهور هذه الأعراض المتأخّرة وبين شدّة الإصابة الأولى — فقد يُصاب به من تعرّض لعدوى خفيفة كما قد يحدث بعد عدوى شديدة. وقد يعاني بعض الأشخاص من عرضٍ واحد فقط، بينما تظهر لدى آخرين مجموعة متنوّعة من الأعراض التي قد تتقلب في شدّتها، أو تختفي ثم تعود، أو تتفاقم مع الزمن.

الأعراض الشائعة لكوفيد طويل الأمد تشمل: الشعور بالتعب، ضيق التنفس، التشوش الذهني، الصداع، فقدان أو تغيّر حاستَي الشم والتذوق، آلام الصدر أو خفقان القلب، آلام العضلات أو السعال المزمن، اضطرابات النوم، القلق أو الاكتئاب، أو الإسهال ومشكلات أخرى في الجهاز الهضمي.

وتشير التقديرات إلى أن 5–10٪ من الأشخاص الذين أُصيبوا بفيروس كورونا يعانون من شكلٍ من أشكال كوفيد طويل الأمد، لكن صعوبة التعريف وتنوّع الأعراض يجعلان تحديد المعدل الدقيق أمرًا معقّدًا.

لماذا يحدث ذلك؟

هذا هو السؤال الذي تساوي إجابته ملايين الجنيهات، ولم يتمكن العلماء من حسمه بعد، لكنهم توصّلوا إلى بعض الأدلة المثيرة للاهتمام، مثل:

  • وجود جلطات دموية صغيرة تمنع وصول الأكسجين إلى الأعضاء الحيوية.
  • التهابات مزمنة تُبقي الجهاز المناعي في حالة استنفار لفترة طويلة بعد زوال الفيروس.
  • خلل في المناعة الذاتية، حيث يهاجم الجسم خلاياه عن طريق الخطأ.
  • استمرار وجود الفيروس داخل الجسم.
  •  إعادة تنشيط فيروسات خاملة أخرى، مثل فيروس إبستين-بار*، الذي قد يؤدي إلى تجدّد الشعور بالإرهاق.
  •  الصدمات النفسية اللاحقة — فالتعافي من مرض خطير يمكن أن يؤدي إلى القلق أو الاكتئاب.

ويبدو أن بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة من غيرهم، خاصةً إذا لم يكونوا مطعّمين، أو أصيبوا بعدوى شديدة تطلّبت دخول المستشفى، أو كانوا يعانون من أمراض مزمنة مثل أمراض الرئة أو البول السكّري أو ارتفاع ضغط الدم، أو أصيبوا بمتلازمة الالتهاب متعدّد الأجهزة، أو كانوا من الإناث.

التشخيص

لا يوجد اختبار واحد يثبت أنك مصاب بـ “كوفيد طويل الأمد”. بدلاً من ذلك، يقوم مقدّم الرعاية الصحية بدور المحقّق: يستمع إلى شكواك، ويراجع تاريخك الطبي، ثم يجري الفحوص اللازمة لاستبعاد أي أمراض أخرى.
وحسب الأعراض التي تعاني منها، قد يطلب الطبيب فحوصات معينة مثل:

  • فحوصات دم للتحقق من وجود التهاب أو مشاكل في جهاز المناعة.
  • شعة سينية على الصدر أو أشعة مقطعية للبحث عن تغيّرات في الرئتين.
  • فحوصات القلب مثل تخطيط كهربية القلب (EKG)** أو تخطيط صدى القلب (Echocardiogram)***.
  • اختبارات وظائف الرئة لتقييم كفاءة التنفس.

باختصار، يعتمد التشخيص على ربط الأعراض المستمرة بسجل إصابتك السابق بكوفيد-19 واستبعاد الأسباب الأخرى المحتملة.

العلاج

لا توجد “حبّة سحرية” لعلاج كوفيد طويل الأمد بين عشية وضحاها. بدلاً من ذلك، يركّز العلاج على تخفيف الأعراض واستعادة الوظائف ومساعدة الجسم والعقل على استعادة توازنهما مرة أخرى.

ومن الأساليب العلاجية الشائعة:

  • أدوية للتحكم بالألم، والتعب، والقلق أو الاكتئاب.
  • برامج لإعادة تأهيل الرئتين لتحسين السعة التنفسية والقدرة على التحمل.
  • علاج طبيعي لتخفيف آلام العضلات وتحسين الحركة والمرونة.
  • برامج لإعادة التأهيل المعرفي للتعامل مع التشوش الذهني وصعوبة التركيز.
  •  إعادة تدريب حاستَي الشم والتذوق، أو حتى حجب العقد النجمي.
  •  دعم الصحة العقلية.
  •  إدخال تعديلات في نمط الحياة، مثل تناول طعام صحي، والنوم الكافي، واحترام حدود جسمك.

تذكّر دائمًا أن التعافي غالبًا ما يحدث ببطء وبشكلٍ متدرّج، وقد يتطلّب الأمر تجربة استراتيجيات وطرق علاج متعددة لاكتشاف ما يناسب كل شخص على حدة.

التوقّعات: ما الذي قد يحدث؟

من حسن الحظ أن معظم المرضى الذين يعانون من أعراض كوفيد طويلة الأمد يتحسّنون بالفعل، لكن ذلك قد يستغرق وقتًا طويلاً. إذ يشعر غالبية الأشخاص بتحسّن ملحوظ في غضون 12 إلى 18 شهرًا.

الوقاية: كيف تقلّل من خطر الإصابة بكوفيد وكوفيد طويل الأمد؟

لا يمكن لأحد أن يُصاب بكوفيد طويل الأمد دون أن يُصاب أولًا بكوفيد، لذلك تظلّ الوقاية من العدوى هي أفضل وسيلة لتجنّب مضاعفاته. ويمكنك ذلك باتباع ما يلي:

  • الحرص على التطعيم وجرعات التعزيز حسب الإرشادات الصحية، فقد أظهرت الأبحاث أن اللقاحات تقلّل من احتمال الإصابة بالآثار طويلة الأمد.
  • استخدام مضادّات الفيروسات مثل (Paxlovid®)، الذي يقلّل من خطورة المرض ومضاعفاته إذا تم تعاطيه خلال الأيام الأولى من العدوى.
  • اتباع الممارسات الوقائية البسيطة والفعّالة مثل غسل اليدين بانتظام، وارتداء كمامة محكمة في الأماكن المزدحمة، والبقاء في المنزل عند الشعور بالمرض.

الخلاصة

لا يزال كوفيد طويل الأمد موضوعًا للبحث والدراسة، غير أن هناك أمرًا واحدًا بات مؤكدًا — وهو أن الشفاء ممكن، لكنه بطيء ومتدرّج. وهذا يذكّرنا بأن طريق التعافي لا يسير دائمًا في خط مستقيم، وأن أفضل علاج أحيانًا هو الصبر والمثابرة والرفق بالنفس.

لذا، إن شعرت بأن طاقتك محدودة، أو بحالة اضطراب في حاسة التذوق، أو بأن ذهنك يعمل ببطء، فتذكّر أنك لست وحدك، وأن جسدك لا يزال يبحث عن طريق العودة إلى العافية والشفاء التام.

ملحوظات

* فيروس إبستين-بار Epstein–Barr Virus (EBV) –

هو فيروس شائع من عائلة فيروسات الهربس (Herpesviruses)، يُصاب به معظم الناس في مرحلة ما من حياتهم. يسبّب عادة مرض كريات الدم البيضاء المعدية (Mononucleosis)، وقد يبقى خاملاً في الجسم لسنوات ويمكن أن يُعاد تنشيطه لاحقًا، مما يؤدي أحيانًا إلى الشعور بالإرهاق المزمن أو اضطرابات مناعية.

** تخطيط كهربي للقلب(EKG) Electrocardiogram –  

هو فحص طبي بسيط وغير مؤلم يُسجّل الإشارات الكهربائية التي يولّدها القلب أثناء نبضه، مما يساعد الأطباء على اكتشاف اضطرابات النظم القلبي أو مشاكل في توصيل الإشارات داخل القلب.

*** تخطيط صدى القلب – (Echocardiogram)

هو فحص بالموجات فوق الصوتية يُظهر صورة حيّة لحركة القلب وبنيته، ويُستخدم لتقييم كفاءة ضخّ الدم، وحالة الصمامات، والكشف عن أي ضعف في عضلة القلب أو تجمع سوائل حوله.

المصادر

1. طاقم مايو كلينك. “كوفيد طويل الأمد: الآثار الدائمة لفيروس كوفيد-19.”  مؤسسة مايو للتعليم والبحوث الطبية، Mayo Clinic.org، 23 أغسطس 2024.

https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/coronavirus/in-depth/coronavirus-long-term-effects/art-20490351

2. طاقم كليفلاند كلينيك. “كوفيد طويل الأمد.” كليفلاند كلينيك، 19 يونيو 2023.

https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/25111-long-covid

3. جيديس، ليندا. “لم يعد فيروس كوفيد-19 يمثل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا. فهل هذا يعني أن الجائحة قد انتهت؟” غافي – تحالف اللقاحات، 5 مايو 2023.

https://www.gavi.org/vaccineswork/covid-19-no-longer-public-health-emergency-international-concern-does-mean-pandemic?gad_source=1&gad_campaignid=15510759290&gbraid=0AAAAADibICN5SJidTY80VemXn5yYN7Dx3&gclid=CjwKCAiAt8bIBhBpEiwAzH1w6aVnYBttU88Aoja32M7PDC1YcgkHNbDfqw6EjLB38XRXvBojNVlGSRoC2tUQAvD_BwE

شارك هذا المقال على :

تم نسخ الرابط !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقلات قد تعجبك