24# – هل هناك حياة خارج الأرض؟ (الجزء السابع): الكواكب الخارجية – أولاً: نظرة عامة – سبتمبر 21، 2025

ملخصٌ في ثوانٍ: تُظهر الاكتشافات الفلكية الحديثة أن نظامنا الشمسي مجرد زاوية ضئيلة في كون يعجّ بالكواكب.لقد أدرك علماء الفلك الآن أن العوالم التي تدور حول نجوم غير شمسنا—المعروفة باسم الكواكب الخارجية—منتشرة في كل مكان، بدءًا من كرات الحمم البركانية الملتهبة، مرورًا بالكواكب الجليدية العملاقة، ووصولًا إلى كواكب “منتفخة” لا تزيد كثافتها على كثافة الستايروفوم. ومع ظهور التلسكوبات الحديثة مثل كيبلر (Kepler) و تس   (TESS)و تلسكوب جيمس ويب الفضائي(James Webb Space Telescope) ، لم نعد نكتفي برصد هذه العوالم الغريبة، بل بدأنا نفك شفرة تركيبها الكيميائي، وندرس إمكانية احتضان بعضها للحياة.

ما هو الكوكب الخارجي؟

الكوكب الخارجي هو أي كوكب يقع خارج نطاق مجموعتنا الشمسية. وبينما يدور معظمها حول نجوم بعيدة، توجد فئة فريدة تُعرف باسم الكواكب “اليتيمة” أو “المشرَّدة”، وهي كواكب تسبح في الفضاء بحرية دون أن ترتبط بجاذبية نجم معين. وقد تمكن علماء الفلك حتى الآن من تأكيد وجود ما يقرب من 6000 كوكب خارجي، فيما يُعتقد أن المليارات منها ما زالت تنتظر الاكتشاف.

حيّ كوني شاسع من العوالم الخارجية

حتى الآن، تم اكتشاف الكواكب الخارجية في منطقة صغيرة نسبيًا من مجرة درب التبانة—والـ”صغيرة” هنا تعني ضمن نطاق بضعة آلاف من السنوات الضوئية! وحتى أقرب كوكب معروف لنا، بروكسيما سنتوري “ب، يبعد عن الأرض مسافة 4 سنوات ضوئية، أي ما يعادل أكثر من 25 تريليون ميل.

وقد بينت هذه الاكتشافات وجود تنوع مذهل في أنواع الكواكب: فهناك كواكب صخرية شبيهة بالأرض، وكواكب غازية عملاقة مماثلة للمشتري، وكواكب غنية بالجليد، بل وحتى كواكب بركانية ذات أسطح منصهرة. بعض هذه الكواكب يتمتع بكثافة منخفضة للغاية لدرجة أنه يشبه الستايروفوم، في حين أن بعضها الآخر يُعد بعضها الآخر مجرد أنوية عارية لكواكب ميتة.

طرق اكتشاف الكواكب الخارجية

يُشبه اكتشاف كوكب خارجي محاولة رصد بعوضة تحوم حول منارة (فنار) من على بُعد آلاف الأميال. ورغم ذلك، طوّر طوّر الفلكيون أساليب مبتكرة، أهمها:

  • طريقة العبور :(Transit Method) وهي تعتمد على مراقبة الانخفاض الطفيف في سطوع النجم عندما يمر كوكب أمامه.
  • طريقة السرعة الشعاعية :(Radial Velocity Method) وهي تقوم على قياس اهتزاز النجم بفعل جاذبية الكواكب، وهو ما يؤدي إلى تغير بسيط في طيف ضوء النجم نحو الأحمر أو الأزرق.

هاتان الطريقتان تمثلان الوسيلتين الأساسيتين اللتين اعتمد عليهما العلماء لتأكيد الغالبية العظمى من الكواكب المكتشفة حتى الآن.

التلسكوبات التي غيّرت كل شيء

في تسعينيات القرن الماضي، جاءت أولى الاكتشافات المؤكدة للكواكب الخارجية، وكان أبرزها اكتشاف الكوكب (51 Pegasi-b)  في عام 1995، والذي يعتبر نقطة تحول عميقة.

لكن الثورة الحقيقية بدأت مع إطلاق تلسكوب “كيبلر” الفضائي التابع لوكالة ناسا (2009–2018)، والذي كشف عن آلاف الكواكب الخارجية، وأظهر أن الكواكب الشبيهة بالأرض في المناطق الصالحة للحياة قد تكون أكثر شيوعًا مما كنا نعتقد.

وبعد ذلك ظهر تلسكوب “تس”، الذي أُطلق عام 2018، والذي لا يزال يكشف عن كواكب جديدة تدور حول نجوم قريبة من مجموعتنا الشمسية. ومن جهة أخرى، قدّم تلسكوب “سبيتزر الفضائي” نظام ترابيست-1* (TRAPPIST-1 system) الشهير، الذي يضم سبعة كواكب بحجم كرتنا الأرضية.

والآن، يقوم تلسكوب “جيمس ويب”، إلى جانب تلسكوب “نانسي جريس رومان” المرتقب، بفتح آفاق جديدة، حيث يجري تحليل الأغلفة الجوية للكواكب، والبحث عن بخار الماء، بل وربما التقاط إشارات كيميائية قد تشير إلى وجود حياة.

عندما لا يكون “الكوكب” كوكبًا حقيقيًا  

ليست كل الاكتشافات مؤكدة منذ البداية. فكثير من الكواكب تبدأ “ككوكب محتمل”، ويستلزم الأمر المزيد من المراقبة والتحقق. وحيث أن هناك العديد من النتائج الإيجابية الغير حقيقية، يعمد الفلكيون إلى استخدام تلسكوبات متعددة لتأكيد اكتشافاتهم.

ونظرًا لذلك أصبح للهواة دور متزايد الأهمية؛ إذ يمكن لعلماء الفلك الهواة، وحتى المهتمين من غير المتخصصين، المشاركة في تحليل بيانات ناسا، وغالبًا ما يلتقطون ما قد تفوته الحسابات الرياضية التي تجريها الكومبيوترات المتقدمة.

لماذا تبدو أسماء الكواكب الخارجية غريبة؟

قد يبدو غريباً أن تُسمّى الكوكب الخارجي المكتشف “كيبلر-16 ب” بدلاً من اسمٌ آخر مثل: “زيوس” أو “أورورا”، لكن الأمر يخضع لنظام محدد:

  • أولاً يُذكر اسم التلسكوب الذي أجرى الاكتشاف.
  • يليه رقم الفهرس الذي يخص النجم.
  • وأخيرًا يُضاف حرف يبدأ بـ “ب”  لأول كوكب، ثم “ث”  و “د”  وهكذا.

ولو طُبّق هذا النظام على مجموعتنا الشمسية، لكانت الأرض تُعرف باسم “الشمس-د”، وعطارد “الشمس-ب” ، والزهرة “الشمس-ث”. أما الأسماء الخاصة فلا يتم منحها إلا لعدد قليل من الكواكب، وذلك بعد موافقة الاتحاد الفلكي الدولي.

ماهي أنواع الكواكب الخارجية؟

تنقسم الكواكب الخارجية إلى أربع فئات أساسية:

  • الكواكب الغازية العملاقة: وهيكواكب بحجم المشتري أو أكبر، وبعضها يعرف بـ”المشتريات الحارة” التي تدور بالقرب من نجومها.
  • الكواكب النبتونية: تشبه كوكب نبتون في المجموعة الشمسية. ولهذه الكواكب أغلفة جوية من الهيدروجين والهيليوم ولبّ صخري. وبعضها يصنّف كـ”نبتونات صغيرة”، وهو نوع لا وجود له في مجموعتنا الشمسية.
  • الكواكب الأرضية كبيرة الحجم:  وهي عوالم صخرية أكبر من الأرض لكنها أصغر من نبتون؛ وقد تحتوي على محيطات أو أغلفة جوية.
  • الكواكب الأرضية: وهي كواكب بحجم الأرض أو أصغر، وتتكون أساسًا من الصخور أو الماء أو الكربون.

ومن اللافت للنظر، أن بيانات التلسكوب “كيبلر” كشفت عن ظاهرة تُعرف بـ”وادي نصف القطر”، وهي فجوة في توزيع الكواكب التي يتراوح نصف قطرها بين 1.5 و2 مرة من نصف قطر الأرض. ويُعتقد أن هذا الحجم يمثل حدًا فاصلاً: فالكواكب الأكبر من هذا الحد تحتفظ بأغلفة غازية سميكة، بينما تظل الأصغر صخرية بطبيعتها.

مجرة درب التبانة: بحر كوني من الكواكب

تحتوي مجرتنا، درب التبانة، على ما لا يقل عن 100 مليار نجم. وإذا كان لكل نجم منها نظام كوكبي، فإن عدد الكواكب قد يصل إلى تريليونات. لقد ظلّت فكرة وجود “عوالم أخرى” مجرد تكهّنات على مدى آلاف السنين، أما اليوم، فنحن نعلم أن تلك العوالم حقيقية.

لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها: أن هذه الكواكب بعيدة بشكل مذهل. فحتى أقربها إلينا، كوكب بروكسيما سنتوري-ب، يظل خارج تناول التكنولوجيا الحالية التي نمتلكها. ومع ذلك، بإمكاننا دراستها عن بعد: قياس درجات حرارتها، وتحليل مكوناتها الجوية، وربما، في المستقبل القريب، اكتشاف مؤشرات على وجود حياة خارج الأرض، متخفية في ضوء نجم بعيد.

الملحوظات

* نظام ترابيست-1 (TRAPPIST-1 system)

هو نظام كوكبي يبعد نحو 40 سنة ضوئية عن الأرض في كوكبة الدلو، يضم نجمًا قزماً فائق البرودة تدور حوله سبعة كواكب صخرية شبيهة بالأرض. ويُعد من أهم الأهداف العلمية في البحث عن الحياة خارج المجموعة الشمسية.

المصادر

1. كارني، ستيفن. “الكواكب الخارجية.” ناسا، 03 سبتمبر 2025

https://science.nasa.gov/exoplanets

2. تران، ليندسي. “البحث عن الحياة.” ناسا، 29 أكتوبر 2024

https://science.nasa.gov/exoplanets/big-questions

شارك هذا المقال على :

تم نسخ الرابط !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقلات قد تعجبك