14# – “إعادة النظر في ولاية ترامب الرئاسية الثانية: مراجعة لأداء الإدارة الثانية خلال الأشهر الستة الأولي.” – أغسطس 7، 2025

ملخص في ثوانٍ: مع انطلاق ولاية دونالد ج. ترامب الرئاسية الثانية، وجدت الولايات المتحدة نفسها أمام مفترق طرق حاسم. فبعد أن بَنى حملته على ركائز ولايته الأولى ـ القومية الاقتصادية، إصلاح الهجرة، والنهج التخريبي في الحكم ـ عاد ترامب إلى البيت الأبيض برأسمال سياسي متجدد وأجندة أكثر وضوحًا وحدة. تستعرض هذه المقالة التأثيرات المركزية لإدارة ترامب الثانية في المجالات السياسية الرئيسية: الاقتصاد، والعلاقات الخارجية، والرعاية الصحية، والهجرة، والمبادرات التشريعية، وأسلوب التواصل المميز الذي حدد الهوية السياسية لترامب.

السياسة الاقتصادية: تحرير الأسواق وإعادة التنظيم المحلي

عمّقت إدارة ترامب الثانية التزامها بالاقتصاد القائم على العرض. فقد استمرت التخفيضات الضريبية التي أُقرت في الولاية الأولى، فيما تواصلت عمليات تقليص القيود التنظيمية في القطاعات المالية والبيئية والعمالية. وأعطت الإدارة الأولوية لإنتاج الطاقة المحلي، وفرض الحماية الجمركية، وتقديم الحوافز لإعادة توطين وظائف التصنيع داخل البلاد.

المؤيدون للرئيس ترامب رأوا في هذه السياسات وسيلة لتعزيز الاستقلال الاقتصادي وإحياء الصناعة الأمريكية. أما المنتقدون فأشاروا إلى تنامي العجز الفيدرالي، وتقلّب العلاقات التجارية، واتساع الفجوة بين أداء الأسواق المالية ومستوى معيشة الطبقة الوسطى. كما ظل نمو الأجور متواضعًا، في حين أثارت الضغوط التضخمية مخاوف بشأن استدامة هذا النموذج الاقتصادي على المدى الطويل.

السياسة الخارجية: التراجع الاستراتيجي والتحالفات التبادلية

تطورت عقيدة “أمريكا أولاً” إلى ما يشبه مخطط الانسحاب الاستراتيجي. فقد خفّضت الولايات المتحدة التزاماتها تجاه المنظمات متعددة الجنسيات، وانسحبت من الاتفاقيات العالمية القائمة، وأعادت هيكلة التزاماتها العسكرية في الخارج. كما أولت الإدارة أهمية أكبر للعلاقات الثنائية على حساب التعاون متعدد الأطراف، خاصة في مجالي التجارة والدفاع.

تصاعد التوتر مع الصين ليتحوّل إلى ما يشبه الانفصال الاقتصادي، إذ أصبحت الرسوم الجمركية وقيود الاستثمار والعقوبات أدوات أساسية في السياسة الخارجية. أما التحالفات التقليدية ـ مثل حلف الناتو والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي ـ فقد تعرضت لضغوط بسبب تغير الأولويات ومطالب واشنطن بزيادة تقاسم الأعباء.

وفي الشرق الأوسط، واصل ترامب موقفه المؤيد لإسرائيل، مع زيادة عزل إيران من خلال الضغط الاقتصادي. كما استمرت العلاقات مع القادة الاستبداديين – من فلاديمير بوتين في روسيا إلى كيم جونغ أون في كوريا الشمالية – مما أضعف المعايير الدبلوماسية التقليدية.

الرعاية الصحية: إصلاحات محدودة وانقسام مستمر

بقي ملف الرعاية الصحية ساحة للانقسام السياسي. فقد فشلت الإدارة، مرة أخرى، في إلغاء قانون الرعاية الصحية الميسرة* بشكل كامل، لكنها شرعت في إصلاحات تدريجية شملت توسيع نطاق التأمين قصير الأجل، وتخفيض التمويل المخصص للتوعية بقانون الرعاية الصحية الميسرة، ومنح الولايات سلطات أوسع في الإشراف على البرامج الصحية الخاصة بها.

كما ركزت الإدارة على تعزيز شفافية الأسعار، وسعت إلى خفض تكاليف الأدوية الموصوفة من خلال أوامر تنفيذية. إلا أن المنتقدين اعتبروا هذه الخطوات مجزأة وغير كافية لمعالجة مشكلات جوهرية مثل القدرة على تحمّل تكاليف التأمين، وعدم كفاءة النظام، وتفاوت فرص الحصول على الرعاية الصحية.

الهجرة: الإنفاذ والردع

اتبعت إدارة ترامب نهجًا صارمًا تجاه الهجرة، واستمرت في تطبيق كثير من سياسات الولاية الأولى. وشملت التدابير مواصلة بناء الجدار الحدودي، وتوسيع استخدام عمليات الطرد بموجب المادة 42، وفرض قيود على استقبال اللاجئين وطالبي اللجوء.

كما خضعت تأشيرات العمل ومسارات الهجرة القانونية لرقابة مشددة. وبينما بررت الإدارة هذه السياسات باعتبارات الأمن القومي وحماية سوق العمل، أعرب المدافعون عن الهجرة عن قلقهم إزاء الآثار الإنسانية، والتراكم في نظام الهجرة القانونية، والعواقب طويلة الأجل على النمو الديموغرافي والاقتصادي.

التوظيف والتواصل: الولاء والاضطراب

ظل معدل التغيير في طاقم الإدارة سمة مميزة لرئاسة ترامب. فقد تكررت الاستقالات والإقالات، العديد منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في مؤشر على مطالبة الرئيس بالولاء الكامل والانسجام مع رؤيته. كما تعرضت المعايير المؤسسية المتعلقة باستقلال القضاء والخدمة المدنية والوكالات الفيدرالية للاختبار بشكل متزايد.

تجاوزت استراتيجية ترامب الإعلامية، لا سيما عبر منصات التواصل الاجتماعي والرسائل المباشرة، وسائل الإعلام التقليدية. وقد أدى هذا النهج إلى تنشيط قاعدته الشعبية، ولكنه أدى في الوقت نفسه إلى انتشار المعلومات المضللة، وزيادة الاستقطاب السياسي، وأثار تساؤلات أخلاقية حول دور المنصات الرقمية في الخطاب الديمقراطي.

السياسة التشريعية: هيمنة السلطة التنفيذية وسط حالة الجمود

كانت الإنجازات التشريعية في الإدارة الثانية محدودة في ظل الجمود الحزبي داخل الكونغرس، ما دفع البيت الأبيض إلى الاعتماد بشكل كبير على الأوامر التنفيذية واللوائح الإدارية وتوجيهات الوكالات لتنفيذ أجندته.

من التراجع في السياسات البيئية إلى التغييرات في قوانين التعليم والعمل، أصبحت السلطة التنفيذية المحرك الرئيسي للسياسة، مما عزز اتجاهاً طويل الأمد نحو الحكم الرئاسي بمرسوم. وقد أثار ذلك جدلاً دستورياً حول توازن القوى بين فروع الحكومة ومدى استدامة السياسات التي تصدر بمعزل عن موافقة الكونغرس.

الخلاصة: إرث استقطابي لا يزال مستمرًا

رسّخت الإدارة الثانية لترامب تحوّلاً عميقًا في الأعراف السياسية الأمريكية. ففي الاقتصاد والسياسة الخارجية، استمر التركيز على القومية والأحادية وتعطيل التوافقات التي سادت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. أما في الشؤون الداخلية ـ كالرعاية الصحية والهجرة والحكم الإداري ـ فقد برز الميل إلى القرارات التنفيذية الجريئة على حساب التسويات التوافقية.

سواء اعتُبرت هذه السياسات تصحيحًا ضروريًا لتجاوزات العولمة، أو خروجًا مزعزعًا للاستقرار عن التقاليد الديمقراطية، فقد تركت رئاسة ترامب إرثًا عميقًا ومثيرًا للجدل ـ إرثًا لا يزال يترك بصماته على السياسة الأمريكية داخل صناديق الاقتراع وخارجها.

المصادر

1.  زولاندز، مايكل، وآخرون. ”ستة أشهر على بداية ولاية ترامب الثانية: اتجاهات متغيرة في سياسة العقوبات الأمريكية وتنفيذها.“ DENTONS، 22 يوليو 2025.

https://www.dentons.com/en/insights/alerts/2025/july/22/six-months-into-trumps-second-term

2. ستيوارت، هيذر؛ وبارتينجتون، ريتشارد. ”من الناحية الاقتصادية، لا معنى على الإطلاق للرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.“ The Guardian، 4 أبريل 2025.

https://www.theguardian.com/business/2025/apr/04/trump-tariffs-in-economic-terms-it-makes-no-sense-at-all

* قانون الرعاية الصحية الميسرة (ACA)

شارك هذا المقال على :

تم نسخ الرابط !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقلات قد تعجبك