تشير بيانات حديثة إلى تنامي رغبة الأمريكيين في مغادرة بلادهم والعيش في الخارج، بدافع رئيسي يتمثل في ارتفاع تكاليف المعيشة. فبحسب استطلاع أجرته مؤسسة هاريس1 ونُشر قبل بضعة أسابيع، قرابة نصف المواطنين الأمريكيين قد فكروا أو يخططون فعليًا للانتقال إلى بلد آخر من أجل تحسين مستوى سعادتهم وجودة حياتهم.
وبحسب نتائج الاستطلاع، فإن أربعة من كل عشرة أمريكيين على الأقل قد راودتهم فكرة الهجرة في المستقبل القريب. وتبدو هذه الرغبة أكثر وضوحًا بين أفراد جيل الألفية “(Millennials) 2، و الجيل “زد”(Gen Z) 3 و حيث أشار ما يقرب من واحد من كل خمسة منهم إلى أنهم “يفكرون بجدية” في الانتقال قريبًا.
تراجع الحلم الأمريكي أمام ضغوط الواقع الاقتصادي
تُظهر نتائج الاستطلاع أيضًا، عن تصاعد مشاعر الإحباط لدى الأمريكيين تجاه ما يُعرف بـ”الحلم الأمريكي”4، خاصة مع استمرار الارتفاع الحاد في تكاليف الاحتياجات الأساسية مثل الإيجار والرعاية الصحية والتعليم. فقد أشار 68% من المشاركين في الاستطلاع إلى شعورهم بأنهم “يعيشون للبقاء فقط، لا للازدهار”، كما عبّروا عن اعتقادهم بأن “امتلاك منزل لم يعد هدفًا ممكنًا لغالبية المواطنين الأمريكيين”.
ومن بين أولئك الذين أبدوا استعدادهم لمغادرة البلاد، ذكر 49% أن السبب الرئيسي لذلك هو ارتفاع تكاليف المعيشة، في حين جاءت خيبة الأمل من القيادة السياسية الحالية في المرتبة الثانية من حيث الأهمية.
مؤشرات اقتصادية تعزز مشاعر القلق
وتدعم البيانات الاقتصادية الأخيرة صحة هذه المخاوف. ففي فبراير الماضي، أظهرت بيانات وزارة العمل الأمريكية أن مؤشر أسعار المستهلك5 – وهو مقياس رئيسي للتضخم – ارتفع بنسبة 3.3% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق. ويُذكر أن معدلات التضخم ظلت على مدى الأشهر الستة الماضية أعلى من الهدف الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي عند 2%.
أما في قطاع العقارات، فقد أشار أحدث تقرير لمؤشر قيمة المنازل الصادر عن “مؤشر زيلو”6 إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة على القروض العقارية أدى إلى تراجع الطلب على شراء المنازل، ما اضطر العديد من الأسر إلى البقاء في سوق الإيجارات لفترة أطول. وتوقّع التقرير ارتفاع إيجارات المنازل المنفصلة بنسبة 3.7% خلال عام 2025.
وفي ما يتعلق بتكاليف رعاية الأطفال، فقد أظهرت دراسة حديثة للمركز الوطني لحقوق المرأة7 أن الأسرة المتوسطة ستحتاج إلى دخل لا يقل عن 180,000 دولار سنويًا في عام 2025 لتتمكن من تحمّل تكلفة رعاية الأطفال الرضع بشكل مريح.
من الأكثر رغبة في المغادرة؟
بالإضافة لذلك أوضحت نتائج الاستطلاع، أن العوامل الاقتصادية المتراكمة تدفع بشكل خاص الفئات الأصغر سنًا، وغير البيض، وأفراد مجتمع الميم8(LGBTQ+) 9 للتفكير في مغادرة البلاد. ففي حين أن 25% فقط من أفراد “جيل إكس”10 و26% من جيل “الطفرة السكانية”11 عبّروا عن رغبتهم في الانتقال، ارتفعت النسبة إلى 63% بين أفراد الجيل “زد” و52% بين “جيل الألفية”. كما كانت نسب الرغبة في الهجرة أعلى بين المشاركين المنتمين إلى الأقليات العرقية، مثل ذوي الأصول اللاتينية والأمريكيين من أصل إفريقي.
ازدواج الجنسية: طموح شبابي متزايد
أظهر الاستطلاع أيضًا أن الشباب الأمريكيين أكثر ميلًا من الأجيال الأكبر إلى التفكير في الحصول على جنسية ثانية، إذ أبدى 66% من أفراد الجيل “زد” و”الألفية” اهتمامًا بذلك بدرجات متفاوتة. واعتبر المشاركون أن الفوائد المحتملة تشمل حرية التنقل، وفرص اقتصادية أفضل، وإمكانية الوصول إلى خدمات عامة ذات جودة أعلى.
الوجهات المفضلة للأمريكيين الراغبين في للهجرة
وفقًا لنتائج الاستطلاع، جاءت قائمة البلدان التي يفضل الأمريكيون الانتقال إليها على النحو التالي:
1. كندا
2. المملكة المتحدة
3. أستراليا
4. فرنسا
5. إيطاليا
6. اليابان
7. المكسيك
8. إسبانيا
9. ألمانيا
10. نيوزيلندا
المصادر
1. Snelling, Grace. “More Americans want to leave the country and live overseas. Many say cost of living is the top reason, why?” Fast Company (fastcompany.com), March 4, 2025
https://www.fastcompany.com/91289388/more-americans-want-leave-country-live-abroad-cost-of-living
2. The Harris Poll Thought Leadership Practice. “American Expats Survey” Power Point Presentation –PowerPoint Presentation, February, 2025
https://theharrispoll.com/wp-content/uploads/2025/02/Americans-Expats-Feb-2025.pdf
3. Rugaber, Christopher. “Groceries and Gas are up, U.S. Labor Department Report Shows” Fast Company, February 12, 2025.
https://www.fastcompany.com/91277546/groceries-gas-prices-up-u-s-labor-department-report-shows
4. Mohan, Pavithra. “Report: It takes a $180,000 salary to comfortable afford U.S. children.” Fast Company, February 7, 2025.
الملحوظات والمصطلحات
1. مؤسسة هاريس – Harris Poll
مؤسسة بحثية أمريكية معروفة تُجري استطلاعات رأي عام لقياس توجهات وآراء المواطنين حول مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
2. جيل-Z (Generation-Z)
الجيل الذي وُلد تقريبًا بين عامي 1997 و2012، وهو الجيل الذي نشأ في عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الرقمية منذ طفولته.
3. جيل الألفية – Millennials (Generation Y)
الجيل الذي وُلد بين أوائل الثمانينيات ومنتصف التسعينيات إلى أوائل الألفية الثانية، ويُعرف بكونه الجيل الأول الذي بلغ سن الرشد مع انتشار الإنترنت والهواتف الذكية.
4. الحلم الأمريكي – The American Dream
مفهوم ثقافي واجتماعي يعبر عن الاعتقاد بأن أي شخص، بغض النظر عن خلفيته، يمكنه تحقيق النجاح والازدهار في الولايات المتحدة من خلال العمل الجاد والفرص المتاحة.
5. مؤشر أسعار المستهلك – Consumer Price Index (CPI)
مقياس اقتصادي يُستخدم لتحديد التغير في مستوى الأسعار للسلع والخدمات التي يستهلكها الأفراد، ويُعد مؤشرًا رئيسيًا لقياس التضخم.
6. مؤشر زيلو – (Zillow Index)
مؤشر يصدر عن موقع Zillow العقاري، ويقيس أسعار العقارات والإيجارات وسوق الإسكان في الولايات المتحدة استنادًا إلى بيانات ضخمة من السوق.
7. المركز الوطني لحقوق المرأة – National Women’s Law Center (NWLC)
منظمة أمريكية غير ربحية تُعنى بالدفاع عن حقوق النساء والفتيات، خاصة في مجالات العمل، والتعليم، والصحة، والعدالة القانونية.
8. مجتمع الميم هو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى مجموعة من الأفراد ذوي الميول والهويات الجنسية غير النمطية، ويُطلق عليه بالإنجليزية اختصار LGBTQ+، الذي يرمز إلى:
- م = مثلي (Lesbian/Gay)
- ي = يحب كلا الجنسين (Bisexual)
- م = متحول جنسياً (Transgender)
- ق = كوير/لا نمطي (Queer أو Questioning)
- + = تشمل باقي الهويات والميول الأخرى، مثل اللاجنسيين، ثنائيي الجنس، وغيرهم.
9. (LGBTQ+) – المثليات، المثليون، مزدوجو الميل الجنسي، المتحولون جنسيًا، والكوير (وغيرهم)
اختصار لمجموعة متنوعة من الهويات الجنسية والجندرية، وتُستخدم للإشارة إلى التنوع والاعتراف بحقوق هذه الفئات وحمايتها من التمييز.
10. جيل-X (Generation-X)
الجيل الذي وُلد تقريبًا بين عامي 1965 و1980، ويقع بين جيل طفرة المواليد وجيل الألفية، ويُعرف باستقلاله وتأقلمه مع التحولات التكنولوجية.
11. جيل طفرة الموالد – Baby Boomers
الجيل الذي وُلد بين عامي 1946 و1964 بعد الحرب العالمية الثانية، ويُعد من أكثر الأجيال تأثيرًا في الاقتصاد والثقافة الأمريكية بسبب حجمه الكبير ونشاطه المجتمعي.