مُلخصٌ فى ثوانٍ: عدم وجود أدلة كثيرة على الحياة فى نظامنا الشمسي، لماذا نستمر في البحث عن الحياة على الكواكب المجاورة لنا، الحياة على الأرض كما ترى من الفضاء، وموضوع المقال القادم.
البحث عن الحياة في نظامنا الشمسي ، لماذا؟
قالت ماري فويتك1، كبيرة الباحثين في علم الأحياء الفلكية بوكالة ناسا الفضائية الأمريكية: “لم نجد أدلة على وجود ’الكثير من الحياة‘ في المجموعة الشمسية”. فبعد عقودٍ من تخيل وجود كائنات فضائية خضراء صغيرة تسرع عبر الفضاء في أقراصها الطائرة اللامعة، توصل علماء الأحياء الفلكية إلى استنتاج مفاده عدم توفر أدلة كثيرة على وجود حياة في الأجرام السماوية لمجموعتنا الشمسية. ورغم ذلك، فإن علماء الأحياء الفلكية يتطلعون لإمكانية العثور على أشكال حياة أكثر بدائية2 أو مايعرف بعلامات “بصمات الحياة”، والتي ذكرتها في مقالي السابق من هذه السلسلة. إن العثور على أي أثر للحياة في باحتنا الخلفية (النظام الشمسي) سيثبت أن الحياة على الأرض ليست معجزة وأننا لسنا وحدنا في الكون.
بصرف النظر عن الأرض، فى مجموعتنا الشمسية، فإن الوضع على الكواكب الصخرية المجاورة لنا إما شديد الحرارة مثل كوكبى عطارد والزهرة، أو شديد البرودة مثل كوكب المريخ. أما باقى الكواكب فهى عبارة عن كتل غازية عملاقة لا يمكن تصور وجود حياة عليها. ومن المعروف أن دراسة المظاهر البيولوجية المختلفة على الكرة الأرضية أظهرت لنا قدرة أشكال عديدة للحياة على الإزدهار تحت أقسى الظروف وفى أكثر البيئات المعادية للحياة. فعلى سطح الأرض، تزدهر أشكال مختلفة من الحياة في ظروف شديدة البرودة والجفاف، وفي أعماق محيطاتنا تحت ضغط شديد وبدون توفر لأشعة الشمس كمصدر للطاقة3. السؤال الآن هو، هل يمكن أن توجد الحياة في ظل بيئات متشابهة أو حتى أكثر تطرفًا على أجسام فضائية أخرى، خلاف كوكب الأرض، في نظامنا الشمسي.
لقد توسع فهمنا للنظام الشمسي بشكل مذهل خلال السنوات القليلة الماضية. نتيجة لذلك، نحن نعلم الآن أن كوكبى الزهرة والمريخ ربما كان لهما أنظمة بيئية ملائمة لظهور الحياة عليهما فى الماضى. نظرًا لأن التكنولوجيا التي لدينا الآن لا تمنحنا القدرة على استكشاف الكواكب الخارجية ، يجب علينا الاستفادة من قدراتنا الحالية لدراسة الكواكب والأقمار القريبة منا في نظامنا الشمسي.
علامات الحياة على الأرض كما تُرى من الفضاء
توفر دراسة علامات الحياة على الأرض، كما ترى من الفضاء، قواعد إرشادية لما قد تبدو عليه الحياة على الأجرام الأخرى التى تنتمى لمجموعتناالشمسية. وفي الثامن من ديسمبر 1992، أتيحت لنا الفرصة لفحص كيف تبدو الأرض، الكوكب الوحيد العامر بالحياة، من الفضاء4. في ذلك اليوم، كان المسبار الفضائي جاليليو على مسافة 190 ميلًا فقط من سطح الأرض، وذلك ليكتسب، من جاذبية كوكبنا، شحنة إضافية من الطاقة تساعدة في الوصول إلى كوكب المشتري.
وجد المسبار الفضائي جاليليو علامات متعددة للحياة على الأرض، مثل غازى الأكسجين والميثان. كما اكتشف المسبار ارتفاعًا في جزء من الأشعة تحت الحمراء تعرف بالحافة الحمراء، وهي علامة تدل على وجود أنعكاسات من نباتات على سطح كوكبنا. كذلك اكتشف جاليليو علامات على وجود حياة ذكية، فى صورة موجات الراديو القوية والتي من غير المرجح أن تأتي من مصادر طبيعية.
أفضل الأماكن لإكتشاف الحياة في نظامنا الشمسي
هناك تنوع كبير بين الكواكب والأقمار في مجموعتنا الشمسية، من عطارد والزهرة المحترقان لقربهما الشديد من الشمس، إلى الحافة الخارجية المتجمدة للمجموعة الشمسية والمعروفة بسحابة أورت5. وفيما بينهما يوجد عدد قليل من الأجرام السماوية التى من المحتمل وجود حياة عليها.
قائمة الأجرام السماوية فى مجموعتنا الشمسية، والتى من المحتمل وجود حياة عليها، تشتمل على كوكبين:
الكوكب الأول هو المريخ الذي كان، فى يوم ما، يتمتع بجو معتدل ويتدفق الماء بوفرة على سطحه. لكنه الآن كوكب بارد، قاحل، و تقريباً بدون غلاف غازى يحيط به. ورغم ذلك يعتقد العلماء بإمكانية وجود حياة تحت سطح أرضه.
الكوكب الثاني هو الزهرة والذى يعتقد العلماء فى إمكانية تواجد ظروف مناسبة لوجود الحياة فى الغيوم المرتفعة والموجودة فى أعلى طبقات الغلاف الغازى لهذا الكوكب، بالرغم من سطحة المحترق من شدة الحرارة.
وتشتمل هذه القائمة أيضًا على سبعة أقمار، يتمتع كل واحد منها بإحتمال وجود محيط مائى خفى تحت سطحه. وتتواجد هذه الأقمار بمدارات تحيط بثلاثة كواكب غازية عملاقة هى:
كوكب المشتري والذى تحيط به أربعه أقمار هى: يوروبا، وجانيميد، وكاليستو، وآيو، وكوكب زحل والذى يحتفظ بقمران هما: تيتان وإنسيلادوس، وأخيراً كوكب نبتون والذى لديه قمر واحد من هذه الأقمار السبعة وهو: تريتون.
أما الجسم الفضائى الأخير المرشح لإيواء الحياة في نظامنا الشمسي، خارج الأرض، فهو الكوكب القزم سيريس الموجود في حزام الكويكبات، والذي يتكهن علماء الأحياء الفلكية بأنه يأوي “عالم مائي” محتمل موجود الآن أو كان موجوداً في وقت سابق من تاريخ هذا الكويكب.
أضف لقائمة الأجرام السماوية العشرة والتى من المحتمل وجود حياة عليها فى مجموعتنا الشمسية، مجموعة الكويكبات القزمية والمذنبات العالقة فى حالة تجمد عميق و الموجودة على الحافة الخارجية للمجموعة الشمسية المعروفة بسحابة أورت5. ورغم أن إحتمالات إيواء الحياة بهم ضئيلة إلا أننا لانستطيع إستبعادها، بحسب رأى علماء الأحياء الفلكية.
في مقالتي التالية سأقوم بعرض مفصل لإمكانات الحياة وبصمات الحياة التي قد نجدها على كل واحدٌ من هذه الأجرام السماوية العشرة في نظامنا الشمسي.
المراجع
1. ماري فويتك: مديرة برنامج البيولوجيا الفلكية التابع للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) في مقر ناسا في العاصمة واشنطن.
https://en.wikipedia.org/wiki/Mary_Voytek
2. الحياة في نظامنا الشمسي؟ تعرف على جيران الكرةالأرضية.
https://exoplanets.nasa.gov/news/1665/life-in-our-solar-system-meet-the-neighbours/
3. أفضل الأماكن للعثور على حياة خارج كوكب الأرض في مجموعتنا الشمسي.
4. المسبار الفضائى جاليليو يمر بالقرب من الأرض.
https://www.orlandosentinel.com/news/os-xpm-1992-12-08-9212080234-story.html
5. سحابة أورت: عبارة عن تجمع من الأجسام الجليدية البعيدة عن أي شيء آخر في المجموعة الشمسي. وهذا التجمع متوقع بشكل يتناسب مع ما لاحظه العلماء من مذنبات في المنطقة التى توجد بها كواكب فى المجموعة الشمسية، ولكن العلماء لم يرصدوا أي جسم فضائى في سحابة أورت نفسها حتى الآن.