2# – الهستريا الأوكرانية*: (الجزء الأول) هل علينا الإهتمام بهذه الحرب؟

مُلخصٌ فى ثوانٍ: قصة الصراع الروسي الأوكراني: فشل التغطية الإعلامية فى نقل الواقع بصدق، الولايات المتحدة تقود هستيريا الحرب الأوكرانية، القوات الروسية على الحدود للتهديد أم للغزو، وماسنتناوله فى المقالات القادمة.

في 24 فبراير 2022 ، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العنان لقواته المسلحة للإشتباك مع الأوكرانيين فيما أسماه “العملية العسكرية الخاصة”. وبالرغم من مرور أكثر من ثمانية عشر شهراً على بداية العدوان الروسي على أوكرانيا، فإننى ما زلت أتساءل: “هل علينا أن نُبدى أى نوع من الإهتمام بالنزاع بين روسيا و أوكرانيا”؟

تعود جذور النزاع بين الدولتين )روسيا و أوكرانيا) إلى مطلع التسعينيات من القرن الماضى.  فى ذلك الوقت وافق الإتحاد السوفيتى على السماح بإندماج ألمانيا الشرقية والغربية فى دولة واحدة وعلى أن تصبح هذه الدولة الموحدة عضواً فى المجموعة الأوروبية و كذلك فى حلف شمال الأطلسى أو الناتو.  وفى مقابل ذلك: حسب الرواية الروسية، قطعت الولايات المتحدة، ومعها دول حلف الناتو عهداً على أنفسهم بأن الحلف لن يتوسع فى دول أوروبا الشرقية – والتى كانت جزءً من حلف وارسو خلال فترة الحرب الباردة.  وبناء على هذة التعهدات أحست الجمهورية الروسية الوليدة بأن “مجالها الحيوى”، والمتمثل فى مجموعة دول حلف وارسو المنحل، سيستمر فى توفير الحماية لها من أى نوايا عدوانية فى المستقبل من جانب حلف شمال الأطلسى.

ولكن حلف الناتو لم يلتزم بتعهداته، فخلال عدة سنوات، وبالتحديد فى 12 مارس 1999، انضمت جمهورية التشيك والمجر وبولندا إلى الناتو. وفى مارس 2004، انضمت بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا. تبع ذلك إنضمام ألبانيا للحلف في 1 أبريل 2009.  ومع إتساع نطاق حلف الناتو وإقتراب قواته من الحدود الروسيه، نما شعور روسيا بالعزلة  وانعدام الثقة فى تعهدات الغرب لها.

عندما بدأت دول المجموعة الأوروبية فى التقرب من أوكرانيا، ذاد تخوف روسيا من إنضمامها لحلف الناتو.  إذ أن إنضمام أوكرانيا لحلف الناتو، من وجهه النظر الروسية، يمثل الخطوة الأخيرة لتآكل مجالها الحيوى وهو المجال الذى إمتد خلال الحقبة السوفيتية إلى الحدود التى كانت تفصل المانيا الى دولتين.

بعد هذه المقدمة التاريخية المختصرة، دعونا نرجع لقصة الحرب الحالية بين روسيا وأوكرانيا. هذه الحرب لم تبدأ بعبور القوات الروسية للحدود الأوكرانية فى فجر يوم 24 فبرايرمن هذا العام. فمنذ الغزو الروسى لشبه جزيرة القرم فى سنة 2014،  كانت الأصوات الخافته لطبول الحرب تتردد فى أروقة الكرملين.  قبل عدة أشهر من بداية الحرب الحالية، أعلن حكام الكرملين أن هدفهم الأول هو منع أوكرانيا من الإنضمام الى حلف الناتو وضمان وضع أوكرانيا المحايد. ومع مرور الوقت ومماطلة أوكرانيا، بتأييد الولايات المتحدة بشكل أساسى، فى تلبية طلبات الكرملين، بدأ النظام الروسى فى التهديد بإمكانية اللجوء للقوة لمنع  أوكرانيا من الإنحياز للغرب. 

ولإظهار جدية الكرملين فى ما يطلبه من أوكرانيا، قامت موسكو بتحريك قواتها العسكرية للحدود مع جارتها الغربية. فى شهر مارس من عام 2021، بدأت روسيا فى أول حشد عسكري كبير لها بالقرب من الحدود الروسية الأوكرانية. وتبع ذلك حشدٌ ثانٍ بين أكتوبر 2021 وفبراير 2022، ولكن الحشد هذه المرة كان في كلٍ من روسيا وبيلاروسيا.  وبينما إستمرت روسيا وبيلاروسيا فى الزعم بأنهما يجريان أكبر تدريبات عسكرية مشتركة بينهما منذ سنوات، كانت الولايات المتحدة تحذر من أن تحركاً عسكرياً روسياً  يجرى الإعداد له من جنوب روسيا وشبه جزيرة القرم وبيلاروسيا.

وعلى الرغم من النفي الروسي المتكرر لوجود أي نية لغزو أوكرانيا، إلا أن أصوت طبول الحرب بدأت تدريجياً فى الإرتفاع. ففي 15 فبراير 2022،  قدر الرئيس الأمريكي أن 150 ألف جندي روسي قد حاصروا أوكرانيا ، بزيادة قدرها 100 ألف جندى عن التقديرات الإمريكية السابقة.  وفي 18 فبراير 2022، زعمت الولايات المتحدة أن روسيا قد حشدت ما يصل إلى 190 ألف جندي على الحدود مع أوكرانيا وأن ذلك “يشكل أكبر تعبئة للقوات فى أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.” وفى اليوم نفسه، لم يحاول الرئيس بايدن إخفاء مشاعره عندما صرح بقوله “لدينا سببٌ للإعتقاد بأن القوات الروسية تخطط وتعتزم على مهاجمة أوكرانيا في الأيام المقبلة”.

أدت تصريحات الرئيس الأمريكى الى ردود فعلٍ مثيرة للجدل من وسائل الإعلام الأمريكية، حيث قامت محطات التلفزيون المختلفة بتضخيم المخاوف وتشويه صورة الرئيس الروسى بوتين وحذّرت من عنف محتمل ضد المدنيين الأوكرانيين. وبدلاً من التعامل مع القضايا المعقدة المحيطة بالصراع المحتمل في أوروبا بطريقة إحترافية، فإن تغطية وسائل الإعلام كانت تفتقر إلى التساؤلات الجوهرية وأسهمت في زيادة الإحساس بالهلع.

أنا أرى أن العدوان على أوكرانيا جريمة ويجب التحقيق فيها على هذا الأساس. علينا التعرف على موقع الجريمة، وتحديد المشتبه بهم، وتسمية المستفيدين من ارتكابها، ومحاولة التنبؤ بتأثيرها، ومعرفة ما إذا كان بإمكاننا منعها من الوقوع. ومن خلال سلسلة مقالاتى القادمة حول هذا الموضوع سأحاول الأجابة على هذه الأسئلة.

المصادر

لماذا انهار الاتحاد السوفياتي؟

https://www.britannica.com/story/why-did-the-soviet-union-collapse

إختلاف الأخبار حول الصراع في أوكرانيا

دليل مرئي للغزو الروسي لأوكرانيا

https://www.bloomberg.com/graphics/2022-ukraine-russia-us-nato-conflict

بايدن لا يخفى لايحاول إخفاء مشاعرة لدى تحذيراته بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا

https://www.forbes.com/sites/edwardsegal/2022/02/18/biden-pulls-no-punches-in-warning-about-russian-invasion-of-ukraine/؟sh=138ca7b4588c

ضم شبة جزيرة القرم سنة 2014

https://en.wikipedia.org/wiki/Annexation_of_Crimea_by_the_Russian_Federation#:~:text=Crimea٪20became٪20part٪20of٪20the،Federative٪20Socialist٪20Republic٪20until٪201954.

*تم  نشر هذه المقالة لأول مرة في مايو 2022 وذلك في مدونتي السابقة “إسلامي”،  و تم تعديلها بشكلٍ طفيف لتتوافق مع  تاريخ نشرها الحالي.

شارك هذا المقال على :

تم نسخ الرابط !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقلات قد تعجبك