14# – “إفلاس ’ماريللي’: نقطة تحوّل في صناعة السيارات الأمريكية” – يونيو 28، 2025

ملخص في ثوانٍ: أحدث إفلاس شركة “ماريللي”، وهي واحدة من أبرز مورّدي قطع غيار السيارات عالميًا، هزة كبيرة في صناعة السيارات الأمريكية، كاشفًا عن هشاشة قطاع يعاني أصلًا من تداعيات الرسوم الجمركية، واضطرابات سلاسل التوريد، والضغوط المالية المتزايدة. بعد فرض رسوم بنسبة 25% على السيارات وقطع الغيار المستوردة، لجأت الشركة إلى طلب الحماية بموجب الفصل الحادي عشر، مما وضع آلاف الوظائف وعمليات الإنتاج الأساسية في مهبّ الريح، لا سيما في مناطق الغرب الأوسط الأمريكي.

تشهد صناعة السيارات الأمريكية واحدة من أشد أزماتها منذ سنوات، بعد أن تقدمت شركة “ماريللي” اليابانية، وهي من أكبر مورّدي قطع غيار السيارات في العالم، بطلب إفلاس رسمي بموجب الفصل الحادي عشر في الولايات المتحدة. وقد كشفت هذه الخطوة المفاجئة عن هشاشة سلاسل التوريد، وأظهرت مدى تأثير التحولات العالمية والقيود التجارية المفروضة على قطاع يعتمد اعتمادًا عميقًا على الروابط الدولية.

ورغم أن الإفلاس قد يبدو في ظاهره مسألة محاسبية تتعلق بالأرباح والخسائر، فإن أبعاده تتجاوز ذلك بكثير، لتمس حياة العمال والمجتمعات المحلية ومستقبل التصنيع الأمريكي ككل. ويرى محللون في هذه الأزمة نذير خطر لصناعة السيارات برمتها، ودعوة لإعادة التفكير في بنيتها وسياستها التوريدية.

انهيار مفاجئ

فاجأت “ماريللي” الأوساط الصناعية عندما تقدّمت بطلب الإفلاس، رغم كونها مورّدًا رئيسيًا لشركات عملاقة مثل “نيسان” و”ستيلانتيس” و”تسلا”. وقد أرجعت الشركة السبب الرئيسي إلى الضغوط الناتجة عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات السيارات وقطع الغيار، مما زاد من التكاليف وأثّر سلبًا على نموذج أعمالها المعتمد على التبادل التجاري الدولي.

وتوظف “ماريللي” أكثر من 40 ألف شخص في مصانعها المنتشرة في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا. وعلى الرغم من أنها كانت تكافح بالفعل للتغلب على صعوبات ما بعد جائحة “كوفيد-19″، مثل اضطراب سلاسل التوريد ونقص العمالة، إلا أن الرسوم الأخيرة شكلت “القشة التي قصمت ظهر البعير”، وفق تعبير الرئيس التنفيذي للشركة ديفيد سلومب في مستندات المحكمة.

أزمة تتوسع

على الرغم من حصول “ماريللي” على تمويل طارئ بقيمة 1.1 مليار دولار، وإعلانها الاستمرار في تلبية طلبات العملاء، فإن تأثير الإفلاس بدأ يمتد سريعًا عبر القطاع. وتهدف الشركة إلى إلغاء أكثر من 700 مليون دولار من ديونها كجزء من خطة إعادة هيكلة حظيت بدعم أكثر من 80% من الدائنين.

إلا أن الضرر الأكبر قد يُلحق بسلسلة التوريد الأمريكية، خصوصًا في ولايات مثل ميشيغان وأوهايو وإنديانا، حيث تتمركز معظم مصانع “ماريللي”. وتشير التوقعات إلى إمكانية حدوث تسريحات جماعية أو تباطؤ في الإنتاج، وهو ما سيؤثر على شبكة واسعة من الموردين والتجار المعتمدين على هذه الشركة كمصدر رئيسي لقطع الغيار والتقنيات.

كلفة بشرية واقتصادية باهظة

بعيدًا عن الأرقام والمعاملات التجارية، فإن الكلفة البشرية لهذه الأزمة لا تقل خطورة. فآلاف العمال، من مهندسين وعمال مصانع وموظفي خدمات لوجستية، يواجهون الآن مستقبلاً غامضًا. وحتى في حال تجنب التسريحات الجماعية، فإن تقليص ساعات العمل أو تقليص المزايا أمر وارد.

وتكمن الخطورة في أن العديد من المجتمعات الصغيرة، خاصة في الغرب الأوسط والجنوب الأمريكي، تعتمد بشكل شبه كلي على قطاع السيارات كمصدر دخل رئيسي. ومع ضعف التنوع الاقتصادي في هذه المناطق، فإن آثار الانهيار قد تمتد لسنوات.

تداعيات على الشركات الكبرى

تشكل الأزمة خطرًا وجوديًا على شركاء “ماريللي” الرئيسيين. فقد كانت “نيسان”، خامس أكثر السيارات مبيعًا في أمريكا عام 2024، تمتلك سابقًا حصة كبيرة من الشركة وتعتمد عليها بشكل أساسي. ومع دخول “نيسان” في دوامة خسائر متواصلة، خفضت وكالة “موديز” تصنيفها الائتماني إلى درجة “غير مرغوب فيها”، وسط تحذيرات من قرب نفاد السيولة لديها خلال عام.

أما “ستيلانتيس”، الشركة الأم لعلامات أمريكية تاريخية مثل “جيب” و”دودج” و”رام”، فهي الأخرى تحت ضغط هائل بعد انخفاض أرباحها بنسبة 70% العام الماضي، مما أدى إلى إقالة مديرها التنفيذي. والآن، مع فقدان مورد رئيسي مثل “ماريللي”، تجد نفسها أمام تحدٍ في تلبية احتياجات السوق والاحتفاظ بحصتها فيه.

تحولات استراتيجية مرتقبة

من المرجح أن يدفع هذا الانهيار المصنعين الأمريكيين إلى تسريع استراتيجيات إعادة التوطين وإعادة هيكلة سلاسل التوريد. فقد أعلنت “جنرال موتورز” مؤخرًا استثمارًا بقيمة 4 مليارات دولار لإعادة تجهيز مصانعها في الولايات المتحدة، بعد أن أفادت سابقًا بأن الرسوم الجمركية كلفتها ما بين 4 إلى 5 مليارات دولار سنويًا.

ومع أن الفرصة قد تلوح لبعض الموردين الصغار لملء الفجوة التي خلفتها “ماريللي”، إلا أن قلة منهم قادرون على التوسع بالسرعة المطلوبة، ما قد يؤدي إلى اضطرابات إضافية. وفي الوقت ذاته، تواصل الشركات الصينية المنافسة اكتساب حصة سوقية متزايدة بفضل سياراتها الأرخص والأكثر تطورًا من الناحية التقنية.

أثر مباشر على المستهلكين

لن يكون المستهلك بعيدًا عن هذه التداعيات. فالرسوم الجمركية رفعت بالفعل أسعار السيارات وقطع الغيار، ومع انهيار “ماريللي” قد يزداد الوضع سوءًا. من المتوقع حدوث تأخيرات في عمليات الشحن والصيانة، إضافة إلى ارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعملة.

وقد يدفع هذا كثيرًا من المشترين المحتملين إلى تأجيل قرارات الشراء، مما سيضغط على التجار وشركات التمويل والتأمين، ويزيد من تقلبات السوق في الوقت الذي تحتاج فيه الصناعة إلى الاستقرار أكثر من أي وقت مضى.

الطريق إلى الأمام

إن انهيار “ماريللي” ليس حادثًا منفردًا، بل هو مؤشر على أزمة أعمق تضرب قلب صناعة السيارات. ويعكس هذا الواقع الحاجة الملحّة إلى سياسة تجارية متماسكة تراعي موازنة الأمن الاقتصادي مع متطلبات العولمة وسلاسل التوريد العالمية.

وفي ظل إعادة تقييم السياسات والخيارات من قبل صناع القرار والشركات، فإن الشهور المقبلة قد تحدد ملامح مستقبل صناعة السيارات الأمريكية لعقود قادمة. فالسؤال اليوم لم يعد: “هل هناك تغير قادم؟”، بل أصبح: “ما مدى عمق هذا التغير؟ وما مدى استعدادنا له؟”.

المصادر

1. لامبريختس، تانيا. رسوم ترمب الجمركية تسجل أولى ضحاياها الكبار، مع إعلان إفلاس عملاق قطع غيار السيارات.” MSN، 19 يونيو 2025.

https://www.msn.com/en-us/money/news/tariffs-claim-first-major-victim-as-auto-parts-giant-files-for-bankruptcy/ss-AA1H0Wda?ocid=sms#image=2

2. شيمكوس، بن. رسوم ترمب الجمركية تسجل أول ضحية كبرى مع إعلان عملاق السيارات لإفلاسه.”   ديلي ميل.كوم، 12 يونيو 2025.

https://www.dailymail.co.uk/yourmoney/cars/article-14806735/auto-parts-marelli-files-bankruptcy-trump-tariffs.html

شارك هذا المقال على :

تم نسخ الرابط !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقلات قد تعجبك