ملخصٌ في ثوانٍ: تلسكوب “سفير-إكس”، هو تلسكوب فضائي جديد مصمم لإجراء مسح شامل للكون باستخدام الأشعة تحت الحمراء. أهدافه تشمل دراسة تشكيل المجرات، التضخم الكونى، والبحث عن المواد العضوية الجليدية التى قد تفسر أصول الحياة علي الأرض.
خلال مؤتمر صحفي في 31 يناير، قال شاون دوماجال جولدمان، المدير بالإنابة لإدارة الفضاء الفلكي في ناسا،: “نحن حرفياً نقوم برسم خريطة للسماء بأكملها عن طريق استخدام 102 لون من ألوان الأشعة تحت الحمراء للمرة الأولى في تاريخ البشرية”. في أواخر فبراير، سينضم تلسكوب فضائي جديد يسمى “سفير-اكس”( SPHEREx) إلى مجموعة أدوات ناسا لاستكشاف الفضاء. و“سفير-اكس” هو مركبة فضائية مخروطية الشكل، بيضاء اللون، كقشرة البيض. واسمها الكامل باللغة العربية هو “جهاز قياس الطيف الضوئي لتاريخ الكون، وعصر إعادة التأين، ومستكشف الجليد”(2) . وعلى عكس تلسكوب جيمس ويب الفضائي، الذي يركز على مراقبة مناطق محددة بتفصيل دقيق، فإن يستخدم “سفير-اكس” الضوء تحت الأحمر لاستكشاف صورة أوسع بكثير للكون.
قال شاون دوماجال جولدمان، “أخذ صورة باستخدام تلسكوب ويب الفضائي يشبه التقاط صورة لشخص ما”. أما إلتقاط صورة باستخدام تلسكوب “سفير-اكس” فهو يشبه استخدام الكاميرا لالتقاط صورة بانورامية تشمل مجموعة كبيرة من الأشخاص وكل شيء حولهم”.
من المتوقع أن يتم إطلاق تلسكوب “سفير-اكس” في موعد لا يتجاوز 27 فبراير من هذا العام، على متن صاروخ فالكون 9 التابع لشركة سبيس إكس الفضائية، وذلك من قاعدة فاندنبرغ الفضائية في كاليفورنيا.
ما الذى يتوقعة علماء الفضاء من تلسكوب “سفير-اكس”.
على مدار عامين، سيقوم تلسكوب “سفير-اكس” بإجراء مسح شامل للسماء، من خلال الكشف عن نوعين من الضوء الموجود في الكون: الضوء المرئي (الضوء البصري) والأشعة تحت الحمراء. وفي حين أن الضوء البصري مرئي للعين البشرية ويتم دراسته بواسطة العديد من التلسكوبات، فإن الضوء تحت الأحمر غير مرئي لنا ولكنه يوفر معلومات قيمة حول أبعد الأجرام السماوية الموجودة علي حدود الفضاء، بما فيها النجوم وتوزيعها وكذلك هياكل المجرات. وقد تمكن تلسكوب تلسكوب ويب الفضائي، الذى يستخدم أيضًا الأشعة تحت الحمراء، في الكشف عن أجزاء من الكون كانت مخفية عنا.
ومع ذلك، فعلى عكس تلسكوب ويب الفضائي، الذي يمكنه التركيز على مناطق معينة بتفصيل كبير، فإن تلسكوب “سفير-اكس” سيقوم بإجراء مسح كامل للسماء. وفى حين أن تلسكوب ويب الفضائي سيقوم بهذا المسح من الأرض، فإن تلسكوب ويب الفضائي يركز على أجزاء أصغر مثل السدم أو المجرات البعيدة.
وقد صرحت نيكّي فوكس، مديرة ناسا المساعدة لمهمة العلوم: “نحن حرفيًا نقوم برسم خريطة للسماء السماوية بأكملها في 102 لون بالأشعة تحت الحمراء(3) للمرة الأولى في تاريخ البشرية، وسنرى ذلك كل ستة أشهر”. “ولم يتم القيام بذلك من قبل على هذا المستوى من دقة الألوان في خرائط السماء القديمة لدينا”.
وعلى الرغم من قدرة تلسكوب “سفير-اكس” علي مسح السماء بالكامل فإنه لن يتفوق على قدرة تلسكوب ويب الفضائي في مراقبة مناطق محددة من الكون وذلك بإستعمال جزء من الأشعة تحت الحمراء من الطيف الكهرومغناطيسي. بينما يعتبر تلسكوب تلسكوب ويب الفضائي، الذي تبلغ تكلفته 10 مليارات دولار، رائعًا في مراقبة أشياء محددة مثل السُدْم(4) أو الحقول العميقة الضيقة(5).
وقد صرح جايمي بوك، المحقق الرئيسي لمهمة تلسكوب “سفير-اكس” في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا: “أنه فى حين يستعمل تلسكوب “سفير-اكس” الصور ثلاثية الأبعاد في تصوير السماء بالكامل كما تُرى من الأرض، فإن البعثات الأخرى التي قامت بمسح السماء بالكامل، كانت تقوم بهذه المسوحات في مجال الضوء المرئي، وهذا لايمثل المجال الطيفي بشكلٍ كامل”.
أهداف تلسكوب “سفير-اكس”
مهام تلسكوب “سفير-اكس” عديدة وتتضمن الكثير من الأهداف. أحد الأهداف الرئيسية هو رسم خريطة للمجرات في مراحل مختلفة من تطورها، مما سيساعد في زيادة فهمنا لكيفية تكوّن المجرات وتطورها مع مرور الوقت. كما سيراقب تلسكوب “سفير-اكس” أيضًا إلى المساحات الموجودة بين النجوم للبحث عن المواد العضوية الجليدية التي قد توفر أدلة حول أصل الحياة على الأرض.
هدف آخر من أهداف تلسكوب “سفير-اكس” هو التقاط صور ثلاثية الأبعاد لمئات الملايين من المجرات، مما يساعد العلماء على دراسة التضخم الكوني – وهى النظرية القائلة بأن الكون توسع بشكل كبير بعد الانفجار العظيم.
وقد زكر جايمي بوك: “بعد تريليون جزء من تريليون جزء من المليار من الثانية بعد الانفجار العظيم، توسع الكون بشكل هائل”. “وما زلنا لا نعرف ما الذي تسبب في هذا التوسع أو لماذا حدث.”
التعاون مع بعثات فضائية أخرى
سيكمل تلسكوب “سفير-اكس” العمل الذي تقوم به بعثات فضائية أخرى. قدرات الأشعة تحت الحمراء لـتلسكوب ويب الفضائي ستساعد في توجيه تلسكوب “سفير-اكس” أثناء عملية مسح السماء بالكامل من خلال توفير خريطة مفصلة بالأشعة تحت الحمراء يمكن لـتلسكوب ويب الفضائي دراستها بشكل أعمق. كما سيعمل تلسكوب “سفير-اكس” مع مهمة “أوزيريس-ركس” (6)(OSIRIS-REx) التابع لناسا، وهى التي تقوم بجمع عينات من الكويكبات. بالإضافة إلى ذلك، سيبدأ التلسكوب الأرضي “مرصد فيرا روبن”(7) في العمل في وقت لاحق من هذا العام، مما يوفر طبقة إضافية من البيانات للعلماء.
تصميم تلسكوب “سفير-اكس”
على الرغم من دوره الهام، فإن تلسكوب “سفير-اكس”، عند مقارنته بالبعثات الفضائية الأخري، يعتبر صغيرالحجم وفعال من حيث التكلفة. تزن المركبة الفضائية حوالي 1,100 رطل (أقل من وزن بيانو كبير) وتستخدم حوالي 270-300 واط من الطاقة، وهو أقل من استهلاك ثلاجة منزلية. ويتم تزويدها بالطاقة من خلال لوحات شمسية مماثلة لتلك الموجودة على أسطح المنازل.
إبقاء الأجهزه العلمية لتلسكوب “سفير-اكس” فى جو بارد هوالتحدى الأكبر الذى يواجه هذا التلسكوب. ويرجع السبب في ذلك إلي أن ما يقوم به التلسكوب من ملاحظات يتم باستخدام الأشعة تحت الحمراء التى تتأثر بالحرارة. لذلك يجب على التلسكوب أن يتجنب أشعة الشمس المباشرة. ولحمايته من ذلك، سيتم وضع تلسكوب “سفير-اكس” في مدار خاص يبقيه محميًا من الشمس.
وقالت بيث فابينسكي، نائبة مدير مشروع تلسكوب “سفير-اكس”: لدى المركبة الفضائية ثلاثة دروع مخروطية متحدة المركز لحماية أجهزتها من حرارة الشمس ووهج الأرض”. وأضافت: “يتم أيضًا التخلص من الحرارة بعيدًا باستخدام مبرد على شكل رقم “7”.
بمجرد أن يصبح تلسكوب “سفير-اكس” في الفضاء، ويستقر فى مداره، سيبدأ فى العمل، وسيقوم الفريق المشرف علية بعمل أول مسح للسماء يستمر لمدة ستة أشهر. ومن المتوقع أن يتم إصدار أول الصور التى إلتقطها التلسكوب في غضون شهرين.
وقال بوك: “أنا متحمس للحظة التي سنفتح فيها غطاء التلسكوب لنرى الصورة الأولى. عندها سنعرف أن كل شيء يعمل حسب الخطة الموضوعة له”.
مصادر
1. Ravisetti, Monisha. “NASA’s New SPHEREx Space Telescope to Launch in February – it can do what the JWST cannot.” Space.com, 31 January, 2025.
2. NASA. “SPHEREx, Spectro-photometer for the History of the Universe.” NASA-Explore, 31 January, 2025.
مراجع
(1) تلسكوب ويب الفضائي – (The James Webb Space Telescope – JWST),
المعروف أيضًا باسم ويب، هو تلسكوب فضائي يراقب في الضوء تحت الأحمر. سيعمل جنبًا إلى جنب مع تلسكوب هابل الفضائي، ولكن بقدرة على رؤية أطوال موجية أطول للضوء وحساسية أفضل بكثير. سيمكنه ذلك من إجراء اكتشافات جديدة وتوسيع المعرفة التي قدمها هابل بالفعل.
(2) مقياس الطيف الضوئي لدراسة تاريخ الكون، فترة إعادة التأين، واستكشاف الجليديات – (Spectro-Photometer for the History of the Universe, Epoch of Reionization, and Ices Explorer).
(3) – الإشعة تحت الحمراء (Infrared). Wikipedia, 30 January, 2025.
https://en.wikipedia.org/wiki/Infrared
(4) السُدْم – (nebulas)
(5) حقول تلسكوب هبل العميقة الضيقة – (Huble Telescope narrow but tremendously dimensional deep fields)
(6) ناسا. أوزيريس-ركس – (NASA. “OSIRIS-REx).” NASA Newsletter, 30 January, 2025.
(7) مرصد فيرا روبن – (The Vera Rubin Observatory).